كأس إفريقيا للأمم.. ثاني أعرق تظاهرة قارية و64 سنة من العطاء الكروي الجزيل (الجزء الثالث والأخير)

كأس إفريقيا للأمم.. ثاني أعرق تظاهرة قارية و64 سنة من العطاء الكروي الجزيل (الجزء الثالث والأخير)

في دورة 2000 أصاب الفوز الذي حققه منتخب (الأسود غير المروضة) على منتخب نيجيريا أزيد من 60 ألف متفرج بالذهول، وحول صخب مدرجات الملعب الوطني سوريلير بلاغوس إلى صمت رهيب، وحرمهم من نشوة الفوز وبدد أمل الملايين من محبي المنتخب النيجيري الذي خاض المباراة النهائية وخسر ثالث نهاية أمام منتخب الكاميرون بعد نهايتي 1984 في أبيدجان و1988 في الدار البيضاء. وكانت مباراة النهاية التي انتهت بفوز الكاميرون 4-3 بالضربات الترجيحية بعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل 2-2 قمة في الإثارة اعتبارا للمؤهلات الكروية والبدنية والتقنية العالية التي يتوفر عليها لاعبو الفريقين.
فاز المنتخب الكاميروني، في الدورة التي أقيمت في كل من غانا ونيجيريا، بلقبه الثالث ودائما على حساب المنتخب النيجيري واحتفظ بذلك بالكأس بصفة نهائية.

- دورة 2002: رابع تاج قاري لمنتخب الكاميرون
كانت دورة باماكو (مالي) قمة في الإثارة، وتألقت فيها العديد من الأسماء وكرست نجومية لاعبي منتخبي الكاميرون والسينغال، مفخرة إفريقيا في مونديال كوريا واليابان.
واستأسد الكاميرونيون في باماكو، فتصدروا ترتيب مجموعتهم بثلاثة انتصارات على كل من الكونغو الديمقراطية 1-0 والكوت ديفوار 1-0 والطوغو 3-0، ليزيحوا منتخب مصر في ربع النهاية 1-0 ثم منتخب البلد المضيف 3-0 في نصف النهاية قبل خوض غمار النهاية، التي لم يكن الحسم في نتيجتها إلا عن طريق الضربات الترجيحية التي رجحت في الأخير كفة الكاميرونيين الذين فازوا 3-2. وإذا كانت هناك منتخبات أقنعت وأمتعت فهناك منتخبات خيبت آمال جماهيرها ومن بينها المنتخب المغربي، الذي حزم حقائبه مبكرا كما في الدورة الماضية بعد تعادله مع منتخب غانا بدون أهداف وفوزه على منتخب بوركينا فاسو 2-1 وخسارته أمام منتخب جنوب إفريقيا 3-1.

- دورة 2004: أول نهاية عربية-مغاربية بين نسور قرطاج وأسود الأطلس
شكل الإنجاز الرائع لأسود الأطلس في كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم بتونس أبرز الأحداث التي طبعت مسار الرياضة المغربية في سنة 2004.
ففي تونس، حقق الأسود إنجازا كبيرا ببلوغهم المباراة النهائية لكأس إفريقيا للأمم التي خسروها أمام منتخب البلد المضيف 2-1. وإذا كانت نسور قرطاج قد توشحت بالتاج بعد خسارتها لنهايتي 1965 بتونس أمام غانا و1996 في جوهانسبورغ أمام منتخب جنوب إفريقيا، فإن أسود الأطلس قد انتزعوا الاحترام والتقدير والتنويه وخرجوا مرفوعي الرأس في بطولة لم يكن أشد المغاربة تفاؤلا يتوقع أن يحقق فيها أصدقاء، العميد نور الدين النيبت، هذا الإنجاز.

- دورة 2006: مصر تكسب رهان التنظيم وترفع الكأس للمرة الخامسة
ضرب المصريون أكثر من عصفور بحجر واحد بكسبهم رهان تنظيم الدورة الخامسة والعشرين لكأس إفريقيا للأمم في كرة القدم، التي كانت ناجحة بكل المقاييس، واعتبرت أقوى وأفضل الدورات على الإطلاق من جهة، وتتويج منتخب الفراعنة بطلا لإفريقيا للمرة الخامسة، وهو إنجاز غير مسبوق في تاريخ هذه المسابقة الكروية الإفريقية منذ انطلاقتها عام 1957 في السودان من جهة أخرى.
فبعد مخاض عسير ومن رحم معاناة الشوطين الإضافيين والضربات الترجيحية، توج الفريق المصري بطلا لإفريقيا للمرة الخامسة، مسجلا بذلك رقما قياسيا في تاريخ الكأس الإفريقية للأمم إثر فوزه في مباراة النهاية على منتخب كوت ديفوار بالضربات الترجيحية 4-2 (0-0). وعرفت دورة القاهرة تواضع المنتخب المغربي وخروجه من الدور الأول لسادس مرة في تاريخ مشاركته في نهائيات كأس إفريقيا للأمم بعد دورات 1972 في الكاميرون و1978 في غانا و1992 في السنغال و2000 في غانا ونيجيريا و2002 في مالي.

- دورة 2008: المنتخب المصري الأكثر تتويجا على الإطلاق
احتفظ المنتخب المصري بلقبه القاري في دورة غانا 2008 عقب فوزه في المباراة النهائية 1-0 على المنتخب الكاميروني بقيادة نجمه، صامويل إيطو، هداف الدورة، برصيد 5 أهداف والذي بات أفضل هداف على الإطلاق في تاريخ الكأس الإفريقية بمجموع 16 هدفا. وكان الفريقان قد التقيا في الدور الأول ضمن المجموعة الثالثة وحسم الفريق المصري نتيجة المباراة لصالحه 4-2 ليتصدر المصريون المجموعة، بينما اكتفى الكاميرونيون بالمركز الثاني.
وفي مباراة نهائية مثيرة، كرس الفريق المصري تفوقه القاري بفوزه على المنتخب الكامروني بفضل هدف محمد أبو تريكة الذي لم يترك أي حظ للحارس كاميني (د 78) بعد خطأ فادح للمدافع الصلب، ريغوبير سونغ. وهكذا يتوج منتخب "الفراعنة" بطلا لإفريقيا للمرة السادسة، وهو إنجاز غير مسبوق بعد إحرازه اللقب سنوات 1957 و1959 و1986 و1998 و2006، وحرم بذلك المنتخب الكاميروني من معادلة رقمه القياسي بعد تتويجه في دورات 1984 و 1988 و 2000 و2002.
وسجلت دورة 2008 رقما قياسيا في عدد الأهداف الذي بلغ 99 هدفا أي بمعدل 3,09 أهداف في المباراة الواحدة.

- دورة 2010: أنغولا تكسب رهان التنظيم ومنتخب الفراعنة يرفع الكأس للمرة السابعة
انضمت أنغولا إلى سجل البلدان المستضيفة لكأس إفريقيا للأمم باحتضانها نهائيات الدورة السابعة والعشرين مطلع سنة 2010، وحاول منتخبها المنافسة بقوة على اللقب بقيادة البرتغالي مانويل جوزي، الذي حقق قبلها العديد من الإنجازات التاريخية مع الأهلي المصري. ولكن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن، حيث خرج المنتخب الأنغولي من الباب الخلفي للدورة وغادر المنافسات في دور الربع بالهزيمة أمام نظيره الغاني الذي شق بعد ذلك طريقه بنجاح إلى النهاية.
في المقابل، نجح المنتخب المصري مجددا في تعويض إخفاقه في تصفيات كأس العالم 2010 وتوج بطلا مثلما فعل في دورة 2006 بعد الإخفاق في بلوغ نهائيات المونديال. واستغل المصريون خبرتهم الكبيرة في التغلب على المنتخب الغاني الشاب في المباراة النهائية بهدف نظيف سجله، محمد ناجي جدو، الذي لقب بالبديل السوبر، كما انفرد بصدارة قائمة هدافي البطولة برصيد خمسة أهداف، بينما فاز زميله المخضرم أحمد حسن عميد الفريق بلقب أفضل لاعب في الدورة.

- دورة 2012: زامبيا تنجح أخيرا في إحراز اللقب وتكريم أرواح ضحايا الطائرة سنة 1993
فجرت زامبيا ثالث مفاجأة في النسخة ال28 بعدما تغلبت على ثلاثة منتخبات كانت مرشحة للقب، فتفوقت على السنغال 2-1 في الجولة الأولى من منافسات المجموعة الأولى، ثم على غانا 1-0 في ربع النهاية، وعلى كوت ديفوار في المباراة النهائية بالضربات الترجيحية (8-7). وحقق المنتخب الزامبي لقبه الأول بعد خسارته نهايتي 1974 أمام منتخب الزايير (الكونغو الديمقراطية حاليا) و1994 أمام منتخب نيجيريا.
في المقابل، فشلت كوت ديفوار في التتويج بلقبها القاري الثاني في ثالث مباراة نهائية لها بعدما أحرزت اللقب عام 1992 في السنغال على حساب غانا 12-11 بالضربات الترجيحية الماراتونية (24 ضربة جزاء)، والثانية عام 2006 عندما خسرت أمام مصر بالضربات الترجيحية أيضا. وأهدر الجيل الذهبي للفيلة فرصته الأخيرة لمعانقة اللقب خصوصا دروغبا (33 عاما) وحارس المرمى بوباكار باري (32 عاما) وزوكورا (31 عاما) وحبيب كولو توريه (30 عاما)، وفشل في فك العقدة التي لازمته في النسخ الثلاث الأخيرة حيث خسر المباراة النهائية عام 2006، وخرج من نصف النهائي عام 2008 في غانا على يد مصر 1-4، ومن دور ربع النهاية في النسخة الأخيرة في أنغولا.

- دورة 2013: منتخب نيجيريا يخطف اللقب من قلب جنوب إفريقيا ويحقق اللقب للمرة الثالثة في تاريخه
أقيمت منافسات 2013 في جنوب إفريقيا بعد أن كان مقررا إقامتها في ليبيا، لكن الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم " كاف" قررت سحب البطولة من ليبيا ومنحها لجنوب إفريقيا نظرا للحالة الأمنية التي مرت بها ليبيا. وتوج منتخب نيجيريا بطلا لكأس أمم إفريقيا التاسعة والعشرين التي أقيمت في جنوب إفريقيا إثر تغلبه في المباراة النهائية على منتخب بوركينا فاسو بهدف دون رد أحرزه، صنداي امبا، في الدقيقة 40 من زمن اللقاء.
وتعد هذه المرة الثالثة في تاريخ المنتخب النيجيري، التي يفوز فيها باللقب الإفريقي حيث حاز على الكأس في عامي 1980 و 1994. وبات المدرب النيجيري، ستيفان كيشي، ثاني مدرب في تاريخ البطولة يفوز بالكأس الإفريقية كلاعب ومدرب، حيث أنه كان قائدا للفريق الذي فاز بالبطولة في عام 1994.

- دورة 2015: فازت الكوت ديفوار وخسرت إفريقيا
استحق المنتخب الإيفواري الفوز بلقب النسخة الثلاثين لبطولة كأس الأمم الإفريقية، التي جرت منافستها في جمهورية غينيا الاستوائية، بين 17 من يناير والثامن من شهر فبراير 2015، على حساب منتخب غانا بالضربات الترجيحية، لكن معظم المتتبعين الرياضيين يعتبرون أن التتويج الإيفواري كان سيكون له طعم آخر، إذا ما خلت البطولة من الفضائح على مستوى التنظيم والتحكيم. وقد استحق المنتخب الإيفواري الفوز باللقب، بعدما أبان على مستوى عال في جميع المباريات التي أجراها في طريقه إلى المباراة النهائية. ويعتبر اختيار خمسة لاعبين من المنتخب الإيفواري ضمن "منتخب الأحلام" الإفريقي، دليلا على تألق هذا المنتخب الذي سبق وأحرز اللقب الإفريقي في دورة السنغال عام 1992 أمام المنتخب الغاني أيضا.
ورغم إجماع معظم المراقبين الرياضيين على استحقاق منتخب الفيلة للفوز بلقب دورة غينيا الاستوائية رغم كل المساوئ التنظيمية، إلا أن هذا اللقب كان سيكون له طعم آخر إذا ما جرت البطولة في أجواء أخرى غير تلك التي عكرت صفو هذه الفعالية الرياضية التي ينتظرها عشاق الكرة الإفريقية كل عامين. وقد كانت دورة غينيا الاستوائية دورة الفضائح بامتياز، حيث عرفت أخطاء على مستوى التنظيم واستقبال الوفود وشغب الجماهير، بالإضافة إلى معضلة التحكيم، الذي كان سببا في إقصاء المنتخب التونسي من دور ربع النهائي على يد منتخب البلد المضيف غينيا الاستوائية.

- دورة 2017: منتخب الكاميرون يقتنص الكأس السابعة بالغابون
انتزع منتخب الكاميرون لقب كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم للمرة الخامسة في تاريخه، بعد تغلبه على منتخب مصر بهدفين مقابل هدف في المباراة النهائية. وكان المنتخب المصري، الذي يتربع على عرش البطولة القارية بتحقيقه اللقب سبع مرات، يأمل في الفوز بالبطولة للمرة الثامنة في تاريخه. وكان آخر لقب فاز به منتخب الكاميرون في البطولة الإفريقية سنة 2002، بينما كان آخر ألقاب مصر سنة 2010.
وكانت هذه المباراة النهائية الثالثة التي تجرى بين منتخبي الكاميرون ومصر، ففي 1986 في القاهرة فاز منتخب مصر بالضربات الترجيحية بعد التعادل بدون أهداف، وفي 2008 بغانا سجل محمد أبوتريكة هدفا قبل 13 دقيقة على نهاية المباراة ليمنح مصر فوزا صعبا. وحقق المنتخب الكاميروني إنجازا كبيرا لم يكن متوقعا قبل انطلاق المباراة ولا البطولة القارية، بحيث أنه حضر إلى الغابون محروما من خدمات سبعة لاعبين بارزين بينهم مدافع ليفربول جويل ماتيب، كلهم رفضوا خوض المنافسة وفضلوا البقاء في أنديتهم لأجل الحفاظ على مكانهم كما زعموا.

- دورة 2019: مصر تنجح في التنظيم وتفشل في التتويج
نجحت مصر في تنظيم كأس إفريقية مميزة على جميع الأصعدة بمشاركة 24 منتخبا تم توزيعها على ست مجموعات لأول مرة في تاريخ المسابقة، وإن شكلت درجات الحرارة المرتفعة ،التي تعرفها المحروسة اعتبارا من شهر ماي وإلى بداية فصل الشتاء، عائقا خاصة أمام منتخبات شمال إفريقيا التي يمارس لاعبوها في البطولات الأوربية. وتلقت الجماهير المصرية والإفريقية على حد سواء صدمة كبيرة وهي ترى البلد المستضيف يغادر كأس إفريقيا للأمم من دور الثمن على يد منتخب جنوب إفريقيا، على اعتبار أن إقامة المسابقة على أرض مصر، التي احتضنت البطولة في مناسبتين وتوجت بطلة فيهما، كان يكفي لترشيح منتخبها للذهاب إلى أبعد الحدود في هذه المشاركة.
وكان المنتخب المصري، الذي يتربع على عرش الكأس القارية بتحقيقه اللقب سبع مرات، يأمل في الفوز باللقب للمرة الثامنة في تاريخه. كما فاجأ إقصاء المنتخب المغربي بدوره من دور ثمن النهاية الجميع، خاصة أن الخصم لم يكن سوى منتخب البنين الذي لم يسبق له أن تذوق طعم الفوز في جميع المباريات التي أجراها على مدار مشاركاته القليلة في الكأس القارية.